إبراهيم البغدادي المدير العــام
عدد الرسائل : 1850 العمر : 39 إحترام المنتدى : كيــف تعـــرفت إلينــا : غير ذلك تاريخ التسجيل : 08/02/2009
| موضوع: خطبة عن الرياء من الشرك الأصغر الجمعة 19 أكتوبر - 10:28 | |
| الرياء من الشرك الأصغر بتاريخ 28/9/2012م 12 ذو القعدة1433هـ للشيخ إبراهيم البغدادي مسجد عبدالرحمن الغافقي سبها - ليبيا
الخطبــــــــة الأولـــــــــــــــــــى:
الحمد لله عالم السر والنجوى، أحمد سبحانه وأشكره، له الحمد في الآخرة والأولى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خلق فسوى وقدر فهدى، له الأسماء الحسنى والصفات العُلى، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، النبي المرتضي، صلى الله عليه وعلى آله الشرفاء، وصحبه الأوفياء والتابعين، ومن تبعهم بإحسان وسار على نهجهم واقتفى، وسلم تسليم كثيرًا وكفى.
أما بعـــــــــــــــــــــــــــــد:
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عزوجل.
عباد الله:
المسلم في هذه الدنيا يطلب مرضاةَ ربه ويسعى إلى جناته بالعمل الصالح الخالص لوجهه، وإن لم يكن العملُ على هذه الصفة فهو الرياء، الذي حذرنا منه سبحانه ونهانا عـنه، وهو من الشرك الأصغر، لكن يخشى إذا تمادى معه الإِنسان أن ينتقل به إلى الشرك الأكبر، ولمـــا كان خلوص العمل من الشرك والرياء شرطًا في قبوله، فلا بد أن يحرصَ المسلم على معرفته ليحذر منه ويبتعد عنه. والرياء هو أن يُظهر العبد عبادته أو يحسِّنها ليراه الناس فيمدحونه عليها. والفرق بين الرياء والسُمعة: أن الرياء لما يُرى من العمل، كالصلاة والصدقة، والسمعة لما يُسمع كالقراءة والوعظ والذكر، ويدخل في ذلك التحدث به، والشرك في النية، ونحو ذلك، فمن أراد بعمله غير وجه الله، أو نوى شيئًا غير التقرب إلى الله وطلب الجزاء منه فقد أشرك في نيته وإرادته، والإِخلاص: أن يخلص لله في أقواله وأفعاله. قال ابن القيم: أي؛ كما أنه إله واحد لا إله إلا هو، فكذلك ينبغي أن تكون العبادةُ له وحده لا شريك له، فكما تفرد بالإِلهية، يجب أن يتفرد بالعبودية، فالعمل الصالح هو الخالص من الرياء، المقيد بالسنة، فقد ورد في الحديث عن أبي هريرة مرفوعًا: «قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه» [رواه مسلم]. ولا خلاف أن الإِخلاص شرط لصحة العمل وقبوله، وكذا المتابعة، كما قال الفضيل في قوله تعالى: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾ ، قال: أخلصه وأصوبه، فإن العمل إذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا لم يقبل، وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصًا لم يقبل، حتى يكون خالصًا صوابًا، والخالص ما كان لله، والصواب ما كان على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. عباد الله: حذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته من فتنة المسيح الدجال وبين أنه رجل كذاب كافر، يخرج في آخر الزمان، ويدعي الربوبية ويحصل على يديه خوارق كثيرة، فيغتر به كثير من الناس ويتبعونه، ويطوف جميع البلاد عدا مكة والمدينة، ثم يقتله عيسى عليه السلام، وقد كان صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله منه في صلاته فيقول: «وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال» [رواه البخاري]. وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة من المسيح الدجال في آخر كل صلاة، حيث قال: «إذا تشهد أحدكم فليتعوذ بالله من أربع يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال» [رواه مسلم]. وفي هذا الحديث دلالة على شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على أمته، وأنه يخافه عليهم خوفاً عظيماً. وكان صلى الله عليه وسلم يخاف على أصحابه وأمته من الدجال، فأنذرهم وحذرهم منه، إلا أنَّه بين في هذا الحديث ما هو أخوف عليهم من المسيح الدجـال، وهو الشرك الخفي: لأنَّه في القلوب لا يطلع عليه الناس، وهو من الشرك الأصغر. وقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم بأن الرجل يقوم فيُصلي، فيُحسن صلاته بطول القيام والطمأنينة ونحو ذلك، يقصد بذلك ثناء الناس ومدحهم . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ألا أُخبركم بما هو أَخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟» قالوا: بلى يا رسول اله؛ قال: «الشرك الخفي يقوم الرجل فيُصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل» [رواه أحمد]. والعمل إذا خالطه الرياء لا يخلو من إحدى حالتين: الحالة الأولى: أن يكون الباعث للعمل هو الرياء والسمعة، فهذا باطل من أصله. والحالة الثانية: أن يكون العمل لله ثم يطرأ عليه الرياء. فإن جاهد نفسه ودافعه، فهذا لا يضره ولا يكون مرائيًا؛ وإن لم يجاهد نفسه واسترسل فيه، فهذا يُحبط ما قارنه من العمل. وليس من الرياء أن يعمل المسلم عملاً خالصًا لوجه الله - تعالى-، ثم يُلقي الله له في قلوب المؤمنين محبته والثناء عليه، فيفرح بفضل الله ورحمته ويستبشر بذلك، فقد سُئل النبي صلى الله عليه وسلم: أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير ويحمده الناس عليه؟ وفي رواية: ويحبه الناس عليه؟ فقال: «تلك عاجل بشرى المؤمن» [رواه مسلم]. قال النووي رحمه الله-: قال العلماء: معناه هذه البشرى المعجلة له بالخير هي دليل رضا الله عنه ومحبته له، فيحببه إلى الخلق، وهذا كله إذا حمده الناس من غير تعرض لحمدهم وإلا فالتعرض مذموم. أقول ماتسمعون وأستغفرالله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . الخطبـــــــــــــــة الثانيـــــــــــــــــة:
الحمد لله حمدًا يليق بجلاله وعظيم سلطانه، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده، صلى الله عليه وعلى أصحابه وأتباعه. أما بعد: فالرياء آفة عظيمة، يحتاج إلى تمرين النفس على الإِخلاص، ومجاهدتها على ذلك؛ ومن طرق علاجه للتخلص منه: مجاهدة النفس في الخلاص من آفـــة الرياء، وكذلك تذكر عظمة الله وجلاله، ومعرفة خطورة الرياء؛ إذ أنه يُحبط العمل الذي قارنه ويأثم صاحبه، والملجأ والمهرب إلى الله عز وجل بالدعاء والالتجاء إليه، وعليكم بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: «اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئًا نعلمه ونستغفرك لما لا نعلمه» [رواه أحمد]. إن من أعظم الحسرات على العبد يوم القيامة أن يرى سعيه ضائعــاً بسبب فقد الإِخلاص، فالواجب على المسلم إخلاص العبادة لله وحده، لأن الله عزوجل غني كريم لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصـاً له وابتغُي به وجهه. هذا ؛ وصلُّوا وسلموا على خير البرية ، وأزكى البشرية محمد بن عبد الله ، فقد أمركم الله بذلك في قوله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا . اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الأربعة: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر صحابة نبيك أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعنَّا معهم بعفوك وجودك وكرمك يا أرحم الراحمين. اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين . اللهم وفق قيادة البلاد لما فيه خير العباد والبلاد . اللهم إنا نعوذ بك من الرياء. اللهم انصر إخواننا في سوريا، اللهم فرج عنهم، اللهم اشف جراحهم، وارحم موتاهم ربنا إننا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نِعَمِهِ يزدكم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
المرجع :: كتاب خطب التوحيد المنبرية للشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله، وكتاب الخطب المنبرية في المناسبات العصرية لصالح الفوزان حفظه الله، وموسوعة الحديث النبوي لأصحاب الكتب الستة - المرفقات
- الرياء الشرك الأصغر.doc
- لا تتوفر على صلاحيات كافية لتحميل هذه المرفقات.
- (46 Ko) عدد مرات التنزيل 0
| |
|