قافية البــاء
سوء التقدير
حق الأديب فباعوا الرأس بالـذنب
أصبحت مطرحا في معشر جهلوا
في العقل فرق وفي الآداب والحسب
والناس يجمعهم شمل وبينهــم
في لونه الصفر والتفضيل للذهـب
كمثل ما الذهب الإبريز يشركه
لم يفرق الناس بين العود والحطب
والعود لو لم تطب منه روائحـه
الهوى والعقل
ولم تدر حيث الخطأ والصواب
إذا حار أمرك في معنيين
يقود النفس إلى مـا يعــاب
فخالف هواك فإن الهوى
هذه هي الدنيا
ولحم الضأن تأكله الكــلاب
تموت الأسد في الغابات جوعا
وذو نسب مفارشه التــراب
وعبد قد ينام على حريـــر
سلوك الكبار مع الأنذال
وما العيب إلا أن أكون مساببــه
إذا سبني نذل تزايدت رفعـــة
لمكنتها من كل نــذل تحـاربـه
ولو لم تكن نفسي عليّ عزيـزة
كثير التواني للذي أنا طــالبــه
ولو أنني أسعى لنفسي وجـدتني
وعار على الشبعان إن جاع صاحبه
ولكنني اسع لأنفع صـــاحبي
عندما تقترب نهاية الإنسان ويشتعل الرأس شيبا
وأظلم ليلي إذ أضاء شهــابهـا
خبت نار نفسي باشتعال مفــارقي
على الرغم مني حين طار غرابها
أيا بومة قد عششت فوق هــامتي
ومأواك من كل الديار طـرابـها
رأيت خراب العمر مني فــزرتني
طلائع شيب ليس يغني خضابهـا
أأنعم عيشا بعد ما حل عــارضي
وقد فنيت نفس تولي شبابهــا
وعزة عمر المرء قبل مشيبـــه
تنغص من أيامه مستطابـهــا
إذا اصفر لون المرء وابيض شعره
حرام على نفس التقي ارتكابهـا
فدع عنك سوءات الأمور فإنهــا
كمثل زكاة المال تم نصـابهــا
وأد زكاة الجاه واعلم واعلم بأنهـا
فخير تجارات الكراء اكتسابهــا
وأحسن إلى الأحرار تملك رقـابهم
فعما قليل يحتويك ترابـهـــا
ولا تمشين في منكب الأرض فاخرا
وسيق إلينا عذبهــا وعذابهـا
ومن يذق الدنيا فإني طعـمتهــا
كما لاح في ظهر الفلاة سرابهـا
فلم أرها إلا غــرورا وبـاطـلا
عليها كلاب همهن اجتذابهـــا
وما هي إلا جيفــة مستحيــلة
وإن تجتذبك نازعتك كلابهـــا
فإن تجنبتها كنت سلما لأهلهــا
مغلقة الأبواب مرخى حجابهــا
فطوبى لنفس أولعت قعر دارهـا
داو السفاهة بالحلم
فأكره أن أكون له مجيبا
يخاطبني السفيه بكل قبح
كعود زاده الإحراق طيبا
يزيد سفاهة فأزيد حلمـا
حب من طرف واحد
ولا يحبك من تحبـه
ومن البلية أن تحــب
وتلح أنت فلا تُغِبُّـه
ويصـد عنك بوجهـه
البخل والظلم
سوى من غدا والبخل ملء إهابه
بلوت بني الدنيا فلم أر فـيهــم
قطعت رجائي منهـم بـذبـابـه
فجردت من غمد القناعة صارمـا
ولا ذا يراني قاعدا عند بـابــه
فلا ذا يراني واقفا في طريقــه
وليس الغني إلا عن الشيء لا به
غني بلا مال عن النــاس كلهـم
ولج عتوا في قبيح اكتســابـه
إذا ما الظالم استحسن الظلم مذهبا
ستدعي له ما لم يكن في حسابـه
فكِله إلى صرف الليالي فإنهـــا
يرى النجم تحت ظـل ركـابــه
فـكم رأينا ظالمـــا متمــردا
أناخت صروف الحادثات ببـابـه
فعـما قليل وهو في غفـلاتــه
ولا حسنات تلتقى في كتــابــه
فأصبح لا مال ولا جــاه يرتجى
وصب عليه الله سوط عــذابـه
وجوزي بالأمر الذي كان فاعـلا
الله حسبي
وبحسبي إن صح لي فيك حسب
أنت حسبي وفيك للقلب حسب
من الدهر ما تعرض لي خطـب
لا أبالي متى ودادك لي صـح
ميزان التفاضل
ترقّى على رؤوس الرجال ويخطب
أرى الغر في الدنيا إذا كان فاضلا
يقاس بطفل في الشـوارع يلعـب
وإن كان مثلي لا فضيلة عـنـده
معاملة اللئيم
فسكوتي عـن اللئيـم جـواب
قل بما شئت في مسـبة عرضي
ما ضر الأسد أن تجيب الكلاب
ما أنا عــادم الجــواب ولكن
دعوة إلى التنقل والترحال
من راحة فدع الأوطان واغتـرب
ما في المقام لذي عـقـل وذي أدب
وانْصَبْ فإن لذيذ العيش في النَّصب
سافر تجد عوضـا عمن تفارقــه
إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطب
إني رأيت ركـود الـماء يفســده
والسهم لولا فراق القوس لم يصب
والأسد لولا فراق الغاب ما افترست
لملَّها الناس من عجم ومن عـرب
والشمس لو وقفت في الفلك دائمة
والعود في أرضه نوع من الحطب
والتِّبرُ كالتُّـرب مُلقى في أماكنـه
وإن تغرب ذاك عـزّ كالذهــب
فإن تغرّب هـذا عـَزّ مطلبـــه
الضرب في الأرض
أنال مرادي أو أموت غريبـا
سأضرب في طول البلاد وعرضها
وإن سلمت كان الرجوع قريبا
فإن تلفت نفسي فلله درهــــا
هيبة الرجال وتوقيرهم
ومن حَقِـرَ الرجال فلن يهابا
ومن هاب الرجال تهيَّبــوه
ومن يعص الرجال فما أصابا
وما قضت الرجال له حقوقا
كذب المنجمون
كافر بالذي قضته الكواكب
خبِّرا عني الـمنجــم أنِّي
قضاء من المهيمن واجب
عالما أن ما يكون وما كان
***
قافية التاء
دفع الشر
أرحت نفسي من هم العداوات
لما عفوت ولم أحقد على أحـد
لأدفع الشر عني بالتحيــات
إني أحيّي عدوي عند رؤيتـه
كما إن قد حشا قلبي محبـات
وأظهر البشر لإنسان أبغضـه
وفي اعتزالهم قطـع المودات
الناس داء ،وداء الناس قربهم
هكذا الكرماء
على المقلَّيـن من أهـل المروءات
يا لهف نفسي على مال أفرقــه
ما ليس عندي لمن إحدى المصيبات
إن اعتذاري إلى من جاء يسألني
آداب التعلم
فإن رسوب العلم في نفراته
اصبر على مـر الجفـا من معلم
تجرع ذل الجهل طول حياته
ومن لم يذق مر التعلم ساعــة
فكبر عليه أربعا لوفاتــه
ومن فاته التعليم وقت شبابــه
إذا لم يكونا لا اعتبار لذاته
وذات الفتى -والله-بالعلم والتقى
الصديق المثالي
وكل غضيض الطرف عن عثراتي
أحب من الإخـوان كـل مواتي
ويحفظني حيــا وبعـد ممــاتي
يوافقني في كـل أمـر أريـده
لقـاسمته مالي من الحسنـــات
فمن لي بهذا ؟ ليت أني أصبته
على كثرة الإخــوان أهل ثقـاتي
تصفحت إخواني فكان أقلهــم
أشحة على الخير
أناسا بعد ما كانوا سكوتا
وأنطقت الدراهم بعد صمت
ولا عرفوا لمكرمة ثبوتـا
فما عطفوا على أحد بفضل
محط الرجاء
فيمم من بنى لله بيتـا
إذا رمت المكارم من كريم
ويكرم ضيفه حيا وميتا
فذاك الليث من يحمي حماه
الصفح الجميل
أبرأتـه لله شاكـر منَّتــه
من نال مني ، أو علقت بذمته
أو أن أسوء محمدا في أمته
أَأُرى مَُعَوِّق مؤمن يوم الجزاء
متى يكون السكوت من ذهب
فخير من إجابته السكوت
إذا نطق السفيه فلا تجبه
وإن خليته كـمدا يمـوت
فإن كلمته فـرّجت عنـه
قضاة الدهر
فقد بانت خسـارتهـم
قضاة الدهــر قـد ضلوا
فما ربحت تجارتهــم
فباعـوا الـدين بالـدنيـا
***
قافية الجيم
المخرج من النوازل
ذرعا وعند الله منها المخــرج
ولرب نـازلة يضيق بها الفتى
فرجت وكنت أظنها لا تفــرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها
عداوة الشعراء
وهذه أبيات ذكرها ابن خلكان في ترجمته للشافعي في كتابه (وفيات الأعيان) وقال
ومن المنسوب إليه)ا
إن سِيلَ كيف معاده ومعاجه
مـاذا يُخبّر ضيف بيتك أهـلـه
ريّا لديه وقد طغت أمواجـه
أيقول جاوزت الفرأت ولم أنـل
عما أريد شعابه وفجاجــه
ورقيت في درج العلا فتضايقت
والماء يُحبر عن قذاه زُجاجه
ولتُخبِرنْ خصـاصتـي بتملقي
وعليّ إكليل الكلام وتاجــه