محبة النبي صلى الله عليه وسلم وكيفية الرد على المستهزئين به .. بتاريخ 3 ربيع الآخر 1436هـ .. 23- 1- 2015 م .. لــ إبراهيم البغدادي .. سبها - ليبيا
الخطبـــــــــــــــــــــة الأولـــــــــــــــــى
إِنَّ الْحَمْدَ لله، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُه، وَنَسْتَغفِرُهُ وَنَتُوبُ إِلَيْه، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَه، وَمَنْ يُضْلِل فَلَا هَادِيَ لَه، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَه، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُه.
)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ(.
)يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَّاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً(.
)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُّطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً(.
أمَّا بَعْدُ عِبَادَ الله: فَأُوصِيكُم وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ عزَّ وَجَل؛ فَإنَّ مَنِ اتَّقَى اللهَ وَقَاه، وَأَرْشَدَهُ إِلَى خَيْرِ أُمُورِ دِينِهِ وَدُنْيَاه.
أّيُّهَا الْمُسْلِمُون: إِنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلَا، ذَكَّرَ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِين، مِنَّتَهُ وَفَضْلَهُ عَلَيْهِمْ، بِمَبْعَثِ مُحَمَّدٍ ، لِيَعْرِفُوا قَدْرَ هَذِهِ النِّعْمَة، فَيَشْكُرُوهُ وَيَحْمَدُوهُ عَلَيْهَا، وَيَلْتَزِمُوا بِمَا جَاءَ بِهِ عِلْماً وَعَمَلاً: لَقَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ ءايَـٰتِهِ وَيُزَكّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ. فَهْيَ مِنَّةٌ كُبْرَى وَنِعْمَةٌ عُظْمَى، لِمَنْ تَدَبَّر وَتَعَقَّل.
فَالْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِه: هُمُ الَّذِينَ يَسْتَشْعِرُونَ هَذِهِ الْمِنَّة، وَيَعْرِفُون قَدْرَ هَذِهِ النِّعْمَةِ حَقَّ المَعْرِفة، وَيَعرِفُونَ حَسَبَهُ وَنَسَبَهُ وَصِدْقَه، مَا جُرِّبَ عَلَيْهِ كَذِب، وَمَا عُرِفَ بِخِيَانَة، وَلَا عُثِرَ فِيهِ عَلَى خُلُقٍ سَيِّئ، بَلْ هُوَ مَحْفُوظٌ بِحِفْظِ اللهِ مِنْ نَشْأَتِهِ إِلَى وَفَاتِه، مَحْفُوظٌ بِحِفْظِ اللهِ مِن كلِّ سُوء، مَا عَبَدَ وَثَناً، وَمَا تَعَاطَى مُسْكِراً، وَمَا اقْتَرَفَ جَرِيمَةً، بَلْ هُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَهُمْ بِالصَّادِقِ الْأَمِين، أَدَّبهُ رَبُّهُ فَأحْسَنَ تَأْدِيبَه، وَعَلَّمَهُ فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَه، وَاخْتَارَهُ لهَذا الأمرِ العَظِيم، لِهذِهِ الرِّسَالةِ الكُبْرَى، وَرَبُّكَ يَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَه، يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ ءايَـٰتِهِ؛ أَيْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ هَذَا الْقُرْآن، فِيهِ خَبَرُ مَنْ قَبْلَهُمْ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَهُمْ، وَنَبَأُ مَا بَعْدَهُم، فَهْوَ سَبَبٌ لِإِخْرَاجِهِمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْجَهْلِ وَالضَّلَال إِلَى نُورِ الْعِلْمِ وَالْهُدَى: كِتَابٌ أَنزَلْنَـٰهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذْنِ رَبّهِمْ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ.
وَيُزَكّيهِمْ؛ أَيْ يُزَكِّي أَخْلَاقَهُمْ، وَيُزَكِّي نُفُوسَهُمْ، وَيُزَكِّي عُقُولَهُمْ بِطَهَارَتِهَا مِنَ الشِّرْكِ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِه، وَطَهَارَتِهَا مِنْ رَذَائِلِ الْأَخْلَاقِ وَسَفَاسِفِ الْأَعْمَال.
وَيُعَلّمُهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ؛ أَيْ عَلَّمَهُمُ الْقُرْآن، وَعَلَّمَهُمُ السُّنَّة، وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ مَبْعَثِهِ لَفِي ضَلَالٍ مُبِين، لَا يَعْرِفُونَ مَعْرُوفاً، وَلَا يُنْكِرُونَ مُنْكَراً، فِي جَاهِلِيَّةٍ جَهْلَاء، وَضَلَالَةٍ عَمْيَاء، نَظَرَ اللهُ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَمَقَتَهُمْ، عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ، إِلَّا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَاب، "يَقُولُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مُخْبِراً النَّجَاشِي لَمَّا سَأَلَهُ قَال: كُنَّا عُبَّادَ أَوْثَان، نَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَنَشْرَبُ الْخَمْر، وَنَقْطَعُ الرَّحِمَ وَنَأْتِي الْفَوَاحِش، حَتَّى بَعَثَ اللهُ فِينَا مُحَمَّداً ، فَأَخْرَجَنَا اللهُ بِهِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّور" رَوَاهُ أَحْمَد.
فَهُمْ قَبْلَ مَبْعَثِهِ فِي غَايَةٍ مِنَ الضَّلَال، قَدِ انْدَرَسَتْ أَعْلَامُ الْهُدَى، فَلَيْسَ الْحَقُّ مَعْرُوفاً عِنْدَهُمْ، وَلَكِنَّ اللهَ أَنْقَذَ هَذِهِ الْأُمَّة بِمَبْعَثِ مُحَمَّدٍ ، بَعَثَهُ اللهُ بِرِسَالَةٍ لِلْخَلْقِ كُلِّهِمْ: وَمَا أَرْسَلْنَـٰكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ، قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً. فَهْوَ رَحْمَةٌ لِلْعَالَمِين: وَمَا أَرْسَلْنَـٰكَ إِلاَّ رَحْمَةً لّلْعَـٰلَمِينَ، وَكِتَابُهُ نَذِيرٌ لِّلْعَالَمِين: تَبَارَكَ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَـٰلَمِينَ نَذِيراً. فَنَسَخَ اللهُ بِهِ كُلَّ الشَّرَائِع، وَأَلْزَمَ الْخَلْقَ طَاعَتَه، وَحَكَمَ عَلَى مَنْ خَرَجَ عَنْ شَرِيعَتِه؛ بِالْخَسَارَة فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَة: وَمَنْ يَّبْتَغِ غَيْرَ ٱلإِسْلَامِ دِيناً فَلَنْ يُّقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى ٱءَلاْخِرَةِ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ، وَيَقُولُ : "لَا يَسْمَعُ بِي يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِي، ثُمَّ لَا يُؤْمِنُ بِي إِلَّا دَخَلَ النَّار" رَواهُ مُسْلِم؛ لِأَنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلَا خَتَمَ بِرِسَالَتِهِ كُلَّ الرِّسَالَات، مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَـٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيّينَ.
أيُّها المُسْلِمُون: وَمِنْ أَعْظَمِ حُقُوقِ النَّبِيِّ عَلَيْنَا؛ الْإِيمَانُ بِه، وَتَصْدِيقِ رِسَالَتِه، وَنَعْتَقِدَ أَنَّهُ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولِه، أَرْسَلَهُ اللهُ إِلَى الْخَلْقِ كُلِّهِمْ. وَمِنْ حَقِّهِ عَلَيْنَا أَنْ نَسْمَعَ وَنُطِيعَ لَه، فَإِنَّ طَاعَتَهُ طَاعَةٌ لله، يَقُولُ اللهُ تعَالَى: مَنْ يُّطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ ٱللَّهَ، وَطَاعَتُهُ سَبَبٌ لِلْهُدَى، قَالَ تَعالى: وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواْ. وَمِنْ حَقِّهِ علينَا أَنْ نُحَكِّمَ سُنَّتَه، وَنَتَحَاكَمَ إِلَيْهَا، وَنَرْضَى بِهَا، وَتَطْمَئِنَّ بِهَا نُفُوسَنَا، وَتَنْشَرِحَ لِذَلك صُدُورَنَا: فَلاَ وَرَبّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلّمُواْ تَسْلِيماً، وَإِذا أَمَرَ بِأَمْرٍ أَوْ حَكَمَ بِحُكْمٍ نَقْبَلُه، وَلَيْسَ لَنَا خِيرَةٌ فِي ذَلِك، يَقُولُ سُبْحَانَه: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن تَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ.
فَطَاعَتُهُ سَبَبٌ لِدُخُولِ الْجَنَّة، يَقُولُ : "كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى"، قالُوا: وَمَنْ يَأْبَى يَا رَسُولَ الله؟ قَال: "مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّة، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى" رَوَاهُ الْبُخَارِي. وَمَحَبَّةُ رَسُولِ اللهِ عُنْوَانُ الْإِيمَان، وَهْيَ بِأَنْ تُحِبَّهُ مَحَبَّةً فَوْقَ مَحَبَّةِ نَفْسِكَ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيْك، قَالَ عُمَرٌ : يَا رَسُولَ الله، وَاللهِ إِنَّكَ لَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ إِلَّا مِنْ نَفْسَي، قَالَ : "لَا يَا عُمَر، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِك"، قَالَ عُمرٌ : لَأَنْتَ الآنَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، قَال: الآنَ يَا عمَر" رَوَاهُ الْبُخَارِي. وَأَخْبَرَ أَنَّ مَحَبَّتَهُ فَوْقَ مَحَبَّةِ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ فَقَال: "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِه وَالنَّاسِ أَجْمَعِين" رَوَاهُ الْبُخَارِي. وَأَخْبَرَ أَنَّ العَبْدَ لَا يَنَالُ كَمَالَ الْإِيمَان؛ حَتَّى يُحِبَّ هَذَا النَّبِي، مَحَبَّةً فَوْقَ مَحَبَّةِ الْأَهْلِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِين، فَيَقُولُ : "لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ" رَوَاهُ مُسْلِم.
فَمِنْ ثِمَارِ هَذِهِ الْمَحَبَّة: طَاعَةُ اللهِ وَمَحَبَّتُه، كَمَا قَالَ تَعَالَى: قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفر لكُمْ ذُنُوبَكُمْ، فَلا يَنَالُ عَبْدٌ مَحَبَّةَ اللهِ حَتَّى يُحِبَّ هَذَا النَّبِيُّ الْكَرِيم، مَحَبَّةً صَادِقَةً مِنْ عَمِيقِ قَلْبِه. وَمِنْ ثَمَرَاتِ مَحَبَّتِه أَنَّ الْمُحِبَّ لَه؛ يُحْشَرُ مَعَهُ يَوْمَ الْقِيَامَة، وَيَلْتَحِقُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامِة، فَقَدْ سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ فَقَال: يَا رَسُولَ الله، مَتَى السَّاعَة؟ قَال: "مَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟" قَالَ: حُبُّ اللهِ وَرَسُولِه، قَالَ : الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَب، وَقَالَ أَنَسٌ : فَمَا فَرِحَ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَرَحَهُمْ بِمَا قَالَ النَّبِيُّ ؛ فَإِنِّي لَأُحِبُّ رَسُولَ اللهِ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَر، وَأَرْجُو اللهَ أَنْ يُلْحِقَنِي بِهِمْ وَإِنْ قَلَّ عَمَلِي" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِم.
عِبَادَ الله: إِنَّ لِمَحَبَّةِ رَسُولِ اللهِ عَلَامَاتٌ تَدُلُّ عَلَى كَمَالِ مَحَبَّةِ الْمُسْلِمِ لَه؛ فَلَيْسَتِ الْمَحَبَّةُ لَهُ مُجَرَّدُ ادِّعَاء، وَلَكِنَّهَا حَقَائِقُ وَاقِعَةٌ، بِاتِّبَاعِ سُنَّتِهِ وَتَطْبِيقِهَا، وَالسُّؤَالُ عَنْهَا وَمَحَبَّتِهَا، وَمُحَاوَلَةُ تَطْبِيقِ الْمُسْلِمِ لِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ فِي كُلِّ عِبَادَاتِهِ وَأَحْوَالِه، وَيَقْتَفِيهَا، وَيَبْحَثُ عَنْهَا، وَيَهْتَمُّ بِهَا، وَيُقِيمُ لَهَا وَزْناً، هَكَذَا الْمُؤْمِنُ الْمُحِبُّ لَه؛ فَمَا بَلَغَهُ مِنْ سُنَّتِهِ مِنْ شَيْء، إِلَّا أَخَذَ بِهَا وَعَمِلَ بِهَا وَطَبَّقَهَا وَفَرِحَ بِذَلِك؛ فَمَحَبَّتُهُ لَا تَكُونُ بِغُلُوِّ الْغَالِينَ فِيه، وَلَا تَكُونُ بِجَفَاءِ الْجَافِي. إِنَّمَا مَحَبَّتُهُ تَكُونُ بِاتِّبَاعِ مَا جَاءَ بِه، وَتَحْكِيمِ شَرِيعَتِه، وَأَعْظَمُ ذَلِكَ عِبَادَةُ اللهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَه، وَصَرْفُ كُلِّ أَنْوَاعِ الْعِبَادَةِ لِرَبِّ الْعَالَمِين، وَأَن لَّا يُصْرَفَ مِنْهَا شَيْءٌ لِغَيْرِ الله، وَقَدْ أَمَرَهُ اللهُ تَعَالَى أَنْ يَقُول: قُلْ إِنّي لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ رَشَداً قُلْ إِنّي لَنْ يُّجِيرَنِي مِنَ ٱللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً، وَقَالَ لَه: قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ ٱللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ ٱلْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ ٱلسُّوء، وَحَذَّرَنَا أَنْ نَغْلُو فِيهِ فَقَال: "إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّين، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوَّ فِي الدِّين" رَوَاهُ أَحْمَدٌ وَغَيْرُه، وَقَالَ : "لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنُ مَرْيَمَ؛ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ؛ فَقُولُوا: عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولِه" رَوَاهُ البُخَارِي، وَقَدْ لَعَنَ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى الَّذِينَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِد، فَقَالَ : "لَا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيداً، وَصَلُّوا عَلَيَّ؛ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ" رَوَاهُ أبُو دَاوُد.
فَمَحَبَّةُ الْمُسْلِمِ لِرَسُولِ اللهِ لَا تَكُونُ بِغُلُوٍّ فِيه، وَلَا بِإِطْرَائِه، وَلَا بِرَفْعِهِ عَنْ مَنْزِلَتِه، وَلَا بِإِحْيَاءِ مَوْلِدٍ أَوْ مَا شَابَهَ ذَلِكَ، مِمَّا ابْتَدَعَهُ الْمُبْتَدِعُون وَأَحْدَثَهُ الضَّالُّون، وَإِنَّمَا تَكُونُ بِاتِّبَاعِ سُنَّتِهِ وَالْعَمَلُ بِشَرِيعَتِهِ وَالطَّمَأْنِينَةِ إِلَيْهَا.
إِخْوَةَ الْإِسْلَام: إِنَّ صِلَةَ الْمُسْلِمِ بِنَبِيِّهِ صِلَةٌ دَائِمَة، وَصِلَةٌ مُسْتَمِرَّة، وَصِلَةٌ لَا تَنْقَطِع، فِي كُلِّ أَحْوَالِهِ وَحَرَكَاتِه وَسَكَنَاتِه، فَلَهُ صِلَةٌ بِنَبِيِّهِ ، إِنْ صَلَّى فَإِنَّ صِلَتَهُ بِرَسُولِ اللهِ، الاِقْتِدَاءُ بِه؛ لِيُحَقِّقَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلام: "صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي" رَوَاهُ الْبُخَارِي، إِنْ حَجَّ فَصِلَتُهُ بِنَبِيِّه: "خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ" رَوَاهُ الْبُخَاريُّ وَمُسْلم، إِنْ صَامَ أَوْ زَكَّى؛ فَدَائِماً صِلَتُهُ بِنَبِيِّه، فِي أَكْلِهِ وَشُرْبِهِ وَنَوْمِهِ وَبُكَائِهِ وَضَحِكِهِ وَغَضَبِهِ وَرِضَاه، فِي كُلِّ أَحْوَالِهِ هُوَ يَقْتَدِي بِمُحَمَّدٍ ، وَيَتَحَرَّى الاِقْتِدَاءَ بِه، وَالتَّأَسِّيَ بِهِ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِير.
هَكَذَا أَرْشَدَنَا ، هُوَ مَبْعُوثٌ لِإِقَامَةِ شَرْعِ الله، وَالدَّعْوةِ إِلَى تَوْحِيدِ اللهِ وَإِخْلَاصِ الدِّينِ لَه، وَالْعِبَادَةُ لَا حَقَّ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ فِيهَا، بَلْ هِيَ حَقٌّ خَالِصٌ للهِ جَلَّ وَعَلَا، فَقَدْ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ وَقَالَ لَه: مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْت، فَقَالَ : "أَجَعَلْتَنِي للهِ نِدّاً، بَلْ مَا شَاءَ اللهُ وَحْدَه" رواهُ النَّسَائِي.
أَقُولُ مَا تَسْمَعُون، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ المُسْلِمِينَ مِن كلِّ ذنبٍ فَاستغفرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم.
الخطبـــــــــــــــــــــة الثانيــــــــــــــة
الْحَمْدُ للهِ وحْدَه، وَالصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَى مَن لَّا نَبِيَّ بعْدهُ، وَبَعْد:
فَيَأيُّهَا المُسلِمُون: لَقَدْ تَكَرَّرَتْ فِي الآوِنَةِ الْأَخِيرَة، الْإِسَاءَةُ لِلنَّبِيِّ ، عَنْ طَرِيقِ الصُّحُفِ وَغَيْرِهَا؛ وَهَذَا لَيْسَ بِجَدِيد؛ فَقَدْ كَانَ الكُفَّارُ فِي عَهْدِهِ ، يَقُولُونَ لَهُ بِأَنَّهُ سَاحِرٌ وَكَذَّاب، وَكَاهِنٌ وَشَاعِر، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَوْصَاف، وَمَعَ ذَلِكَ يَصْبِرُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَلَا يَسْتَعْجِل.
وَاللهُ تَعَالَى يَأْمُرُهُ بِالصَّبْر، كَمَا قالَ تَعَالَى: وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً، ويَقُولُ تَعَالَى: وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ، فَكَانَ يَصْبِر، وَيَمْنَعُ أَصْحَابَهُ مِنَ الاِنْتِقَام، يَوْمَ أَنْ كَانَ بِمَكَّة؛ لِأَنَّهُمْ لَوِ انْتَقَمُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ؛ لَقُضِيَ عَلَى الْإِسْلَامِ فِي مَكَّة، وَقُضِيَ عَلَى الدَّعْوَةِ فِي مَهْدِهَا، إِلَى أَنْ هَاجَرَ وَوَجَدَ الْأَنْصَار؛ فَحِينَئِذٍ أَمَرَهُ اللهُ تَعَالَى بِجِهَادِ الْمُشْرِكِينَ الْجِهَادَ الشَّرْعِي، أَمَّا الْمُظَاهَرَاتُ وَالتَّخْرِيبُ وَقَتْلُ الْأَبْرِيَاء، وَمَنْ هُمْ فِي أَمَانِ الْمُسْلِمِينَ وَفِي ذِمَّتِهِم؛ فَهَذِهِ خِيَانَةٌ وَلَا تَجُوز، وَلَا يَجُوزُ قَتْلُ الْبَرِيءِ وَلَوْ كَانَ كَافِراً، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَئَانُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُوا، وَيَقُولُ جَلَّ وَعَلَا: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى، وَيَقُولُ عَزَّ وَجَل: وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ، وَرُسُلُ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يَأْتُونَ إِلَى النَّبِيِّ بِالتَّفَاوُض، يَدْخُلُونَ عَلَيْهِ حَتَّى فِي مَسْجِدِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام، وَيَتَفَاوَضُ مَعَهُمْ مَعَ أَنَّهُمْ مُشْرِكُينَ وَكُفَّار، لِكَيْ يُعْرَفَ أَنَّ الْإِسْلَام لَيْسَ دِينَ غَضَبٍ وَدِينُ انْتِقَام؛ إِنَّمَا هُوَ دِينُ هِدَايَةٍ وَرَحْمَةٍ وَرِفْق، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ ؛ فَكَانَتِ النَّتِيجَةُ يَوْمَئِذ؛ أَنَّ اللهَ نَصَرَ رَسُولَهُ، وَأَعَزَّ دِينَه، وَالَّذِينَ كَانُوا يَسْخَرُونَ مِنَ النَّبِيِّ ، صَارَ بَعْضُهُمْ مِنْ قَادَةِ الْإِسْلَام، وَالْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ الله، وَأَسْلَمُوا وَحَسُنَ إِسْلَامُهُم؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَبَرَ عَلَيْهِمْ وَرَفِقَ بِهِمْ حَتَّى أَحَبُّوه، كَمَا قَالَ اللهُ جَلَّ وَعَلَا: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ، هَذِهِ أَخْلَاقُ الرَّسُولِ ، وَالْكُفَّارُ حِينَمَا يَعْمَلُون هَذِهِ الْأَعْمَال، يُرِيدُونَ الْإِثَارَة، وَيَقُولُونَ انْظُرُوا إِلَى تَصُرُّفَاتِ الْمُسْلِمِين، يَقْتُلُونَ السُّفَرَاءَ وَيَهْدِمُونَ الْمَبَانِي، وَيَقُولُونَ هَذَا مِنْ دِينِ الْإِسْلَام، وَهَذَا مَا يُرِيدُهُ الْكُفَّار، نِكَايَةً بِالْمُسْلِمِينَ مِنْ تَصُرُّفَاتِ جُهَّالِهِمْ، أَوِ الْمُنْدَسِّينَ مَعَهُمْ، يَقُولُ اللهَ عَزَّ وَجَل: وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ، هَكَذَا هَدْيُ الْإِسْلَام، مَعَ هَذِهِ الْأُمُور، الرِّفْقُ وَالتَّأَنِّي وَالصَّبْر، وَعَدَمُ التَّسَرُّع، فَالْمُشْرِكُونَ يُرِيدُونَ أَنْ يَسْتَثْمِرُوا هَذِهِ الْأُمُور، بِمَا حَصَلَ مِنْ بَعْضِ الْمُسْلِمِين، مِنَ الْعَنْجَهِيَّةِ وَالتَّخْرِيبِ وَالْقَتْل، حَتَّى صَارَ الْمُسْلِمُونَ يَتَقَاتَلُونَ فِيمَا بَيْنَهُم، وَهَذَا مَا يُرِيدُهُ الْكُفَّار، فَالْكَثِيرُ مِنَّا يَدَّعِي حُبَّ النَّبِيِّ ، وَلَكِنَّهُ لَا يُطَبِّقُ أَيْ سُنَّةٍ مِنْ سُنَنِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلام، وَعِنْدَمَا تَقُولُ لَهُ بِأَنَّ هَذَا الْعَمَلَ سُنَّةٌ عَنِ النَّبِيِّ ، يَتَحَجَّجُ بِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ وَاجِباً؛ فَلَا إِثْمَ عَلَيْه، وإِذَا رَاجَعْنَا أنفُسَنَا إِخْوَةَ الْإِسْلَام، نَجِدُ أنَّنَا مُقَصِّرِينَ كَثِيراً فِي دِينِنَا، حَتَّى بَاتَ أَعْدَاؤُنَا يَسْتَهْزِؤُون بِنَا كُلَّ يَوْم، وَالْعِلَاجُ الْأَمْثَلُ لِمُوَاجَهَةِ هَذِهِ التَّحَدِّيَات، وَهَذِهِ الْحَمَلَاتُ الْخَبِيثَة: أَنْ يَرْجِعَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى دِينِهِمْ, وَأَنْ يَعْرِفُوا رَبَّهُمْ حَقَّ الْمَعْرِفَة، وَأَنْ يَعْبُدُوهُ حَقَّ عِبَادَتِه، وأَنْ يُرَاجِعُوا سَائِرَ عِبَادَاتِهِمْ، فَإِنْ كَانَتْ مُوَافِقَةً للسُّنَّة، فَبِهَا وَنِعْمَتْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمْ أَنَّهَا مُوافقَةٌ أَوْ لَا؛ فَلْيَسْأَلْ أَهْلَ الْعِلْمِ الْمَوْثُوقِين.
وَاعْلَمُوا رَعَاكُمُ الله؛ أَنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ الله، وَخيرَ الْهَدْي هَدْيُ مُحَمَّدٍ ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدثاتُها، وكُلَّ بدعةٍ ضلالة. يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَــــأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً. اللهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد، وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْراهِيم، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيم وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيم إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد. اللهُمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين. اللهم اغْفِرْ لِمَوْتَانَا وَمَوْتَى الْمُسْلِمِين، اللهمَّ اغْفِرْ لَهُمْ وَارْحمهم، وعافهم واعفُ عنهم، واغْسِلْهُم بالْمَاءِ والثَّلْجِ والْبَرَد. رَبَّنَا ءَاتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي اءَلاْخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. وَآخرُ دعوانَا أنِ الحَمْدُ لله ربِّ العالمِين.