إبراهيم البغدادي المدير العــام
عدد الرسائل : 1850 العمر : 39 إحترام المنتدى : كيــف تعـــرفت إلينــا : غير ذلك تاريخ التسجيل : 08/02/2009
| موضوع: خطبة عن بدعة الاحتفال بالمولد النبوي الجمعة 18 يناير - 14:14 | |
| بدعة الاحتفال بالمولد النبوي بتاريخ 18/1/2013م 7 ربيع الأول1434هـ لطالب العلم إبراهيم البغدادي مسجد عبدالرحمن الغافقي سبها - ليبيا
الخطبــــــــــة الأولى الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقراراً به وتوحيداً، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما مزيداً. أما بعد: أيها الناس: اتَّقوا الله تعالى واشْكروه على ما مَنَّ به عليكم، أن بعث فيكم رسولاً منكم، يتلو عليكم آياته ويزكِّيكم، ويعلمكم الكتاب والحكمة، ويخرجكم من الظلمات إلى النور، من ظلمات الجهل إلى نور العلم، ومن ظُلماتِ الشرك والكفر إلى نور التوحيد والإيمان، ومن ظُلماتِ الجور والإساءة إلى نور العدل والإحسان، ومن ظُلماتِ القلق النفسي وضيقِ الصدر إلى نور الطمأنينة وانشراح الصدر، ﴿أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهْوَ عَلَى نُورٍ مِن رَبِّهِ﴾ ، ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾ . أيها المسلمون: لقد بعث الله نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم، والناسُ يتخبّطون في الجهالاتِ والضلالات، وقد فتح لهم به أبوابَ العلم في معرفة الله، وما يستحقه من الأسماء والصفات، وما له من الأفعال والحقوق، وأبوابُ العلمِ في معرفة المخلوقات في المبدإ والمنتهى والحساب والجزاء، فما مِنْ شيءٍ يحَتاج الناس إلى معرفته من أُمور الدين والدنيا، إلا بَيَّن لهم ما يحتاجون إليه فيه، حتى صاروا على طريقة بيضاء نقيّة؛ ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، ولا يتيهُ فيها إلا أعمى القلب، ومن تعبد لله بما لم يشرعه الله؛ فعمله مردودٌ عليه؛ لقول النبي : من عمِل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد رواه مسلم، وهو في نظرِ الشارعِ بدعة، وكلُّ بدعةٍ ضلالة. وإنَّ من جملةِ البدع، ما ابتدعه بعضُ الناس في شهر ربيع الأول من بدعة عيد المولد النبوي، يجتمعون في الليلةِ الثانيةَ عشرةَ منه، في المساجد أو البيوت؛ فيصلون على النبي بصلواتٍ مبتدَعَة ويقرؤون مدائحَ للنبي ، تَخْـرُج بهم إلى حدِّ الغلو الذي نهى عنه النبي ، وربما صنعوا مع ذلك طعاماً يسهرون عليه فأضاعوا المال والزمان، وأتعبوا الأبدان فيما لم يشرعه الله ولا رسوله، ولا عمله الخلفاء الراشدون، ولا الصحابةُ ولا المسلمون في القرون الثلاثة المفضلة، ولا التابعون بإحسان، ولو كان خيرا لسبقونا إليه، ولو كان خيراً ما حرمه الله تعالى سلفَ هذه الأمة، وفيهم الخلفاءُ الراشدون والأئمة، وما كان اللهُ تعالى لِـيَحرِمَ سلفَ هذه الأمةَ ذلك الخير، لو كان خيراً، ثم يأتي أناسٌ في القرن الرابع الهجري، فيُحدِثون تلك البدعة. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه: "ما يحدثه بعض الناس إما مضاهاةً للنصارى في ميلاد عيسى، وإما محبةً للنبي وتعظيماً له، من اتخاذ مولد النبي عيداً مع اختلاف الناس في مولده، فإن هذا لم يفعله السلف، ولو كان خيراً محضاً، أو راجحاً، لكان السلفُ أحقُّ به منا، فإنهم كانوا أشدَّ محبةٍ للنبي وتعظيماً له منا، وهم على الخير أحْرص، وإنما كانت محبته وتعظيمه في متابعتِه وطاعتِه، واتباعِ أمرِه وإحياءِ سنتِه ظاهراً وباطناً، ونشْرِ ما بعَثَ به، والجهادُ على ذلك بالقلب واليد واللسان، وأكثرَ هؤلاءِ الذين تجدهم حُرَصاءَ على هذه البدع، تجِدُهُم فاترين في أمر الرسول ، مما أُمِرُوا بالنشاط فيه، وإنما هُمْ بمنزلةِ من يُحَلِّي المصحفَ ولا يقرأُ فيه، أو يقرأُ فيه ولا يتّبعُه" ا.هـ كلامه رحمه الله تعالى. أيها المسلمون: إن بدعةَ عيدِ المولد التي تقامُ في شهر ربيع الأول في الليلة الثانيةَ عشرةَ منه، ليس لها أساسٌ من التاريخ؛ لأنه لم يَـثبت أن ولادةَ النبي كانت تلك الليلة، وقد اضطربت أقوال المؤرخين في ذلك، فبعضهم زعم أن ولادتَه في اليوم الثاني من الشهر، وبعضهم في الثامن، وبعضهم في التاسع، وزعم بعضُهُم في العاشر، وبعضهم في الثاني عشر، وبعضهم في السابع عشر، وبعضهم في الثاني والعشرين، فهذه أقوالٌ سبعة، ليس لبعضِهِم ما يدل على رُجحانِهِ على الآخر، فيبقى تعيينُ مولدهِ من الشهر مجهولاً؛ إلا أنَّ بعضَ المعاصرين حقق أنه من اليوم التاسع. وقد كثر في هذه الأيام، الذين يُنشدون القصائدَ والمدائح، في حقِّ النبي ، وأكثرُ هذه القصائد، بها غلوٌّ في رسول الله ، غلوٌّ يَخرجُ به عن العبودية والرسالة إلى مَرتبة الألوهيَّة والربوبيَّة، ينشدون ما قاله الشاعر يُخاطبُ النبي بعد موته بأزمنةٍ فيقول : يا أكرم الخلـــــــقِ مالي من ألـــــــــــــوذُ بـه سواكَ عند حلول الحادث العَمِمِ إن لم تكن في معادي آخـذاً بيدي فضلاً وإلا فقـل يا زلةَ الـقــــــــــــــــــدَمِ فإنَّ منْ جُــــــودِك الدنيا وضرّتِــــــــــــــهـا ومنْ عُلُومِكَ عِلمَ اللوحِ والقلــــــمِ هكذا يصفون رسول الله بهذه الصفات التي لا يجوز أبداً أن تكون إلا للهِ عزَّ وجل، وإن في قولهم: فإن من جُـودك الدنيا وضرتهـا ومن علومك علـمَ اللـوحِ والقلـم بهذا القول: إنكارٌ لربوبية الله جل وعلا؛ لأنه إذا كان من علوم الرسول عِلمَ اللوحِ والقلم، وكان من جودهِ الدنيا وضرَّتِها وهي: الآخرة، فما الذي يكونُ لله عزَّ وجل، إنهم في هذا القول يُنكرون أن تكونَ الدنيا لله، أو أن الآخرة لله عزَّ وجل، وهذا كفرٌ بَواحٌ لا شك فيه، ومع ذلك يعتقدون أنهم بهذا القول يُرضون اللهَ ورسولَه، ويتقربون إلى الله عزَّ وجل، وهم بهذا القول مُغضبون لله ورسوله وللمؤمنين جميعاً، ولم يتقربوا إلى الله به، بلِ ازدادوا به بُعداً من الله عزَّ وجل. وإذا لم يكن لبدعةِ عيدِ مولدِ النبي أساسٌ من التاريخ، فليس لها أساسٌ من الدينِ أيضاً، فإن النبي لم يفعلْها ولم يأمُر بها، ولم يفعلها أحدٌ من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وقد قال النبي : عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة، وكان يقول في خطبة الجمعة: أما بعد، فإن خيرَ الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشرّ الأمورِ محدثاتها، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار. والأعياد والمواسم الدينية التي يُقصَدُ بها التقربُ إلى الله تعالى، بتعظيمه وتعظيمِ نبيه هي من العبادات، فلا يَشرعُ منها إلا ما شرعه اللهُ تعالى ورسوله، ولا يَتَعبدُ أحدٌ بشيءٍ منها إلا ما جاء عنِ اللهِ ورسولِه، وفيما شرعه الله تعالى من تعظيمِ رسوله ووسائلِ محبته ما يغني عن كلِّ وسيلةٍ مُبتَدَعة. قال سبحانَه وتعالى: وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون . أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانيـــــــــــــة الحمد لله الذي أمرنا بالاتباع، ونهانا عن الابتداع، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن تمسك بسنته إلى يوم الدين. أما بعـد: فإنّ مبنى دينِ الإسلام العظيم على أصلين: -ألّا يُعبدَ إلا الله. - وألّا يُعبدَ اللهُ إلّا بما شَرَعَ. فالأول: تجريدُ التوحيدِ لله تعالى. والثاني: تجريدُ المتابعةِ للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ولا يُقبل عملٌ حتى يتحقق فيه هذان الأصلان، ويتوفرُ فيه هذا الشرطان: «ألا يُعبدَ إلا الله، وألا يُعبدَ اللهُ إلا بما شَرَع»، قال تعالى: فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً. قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ أي: ثوابَهُ وجزاءه الصالح، والعمل الصالح ما كان مُوافِقاً لشرعِ الله، وهو الذي يُراد به وجهُ اللهِ وحدَهُ لا شريك له، وهذانِ ركنا العملِ المتقبَّل، لا بد أنْ يكون خالصاً لله، صواباً على شريعةِ رسولِ اللهِ . فَجَمَعَ اللهُ تبارك وتعالى في هذه الآية الكريمة شَرْطَي قبولِ العمل وهما: الإخلاصُ والمتابعة. والأصلُ في العباداتِ الحظرُ والمنع، حتى يأتيَ النصُّ والدَّليل، فلا عبادةَ إلا بنص، ومعنى ذلك أنَّ العباداتَ تَوقِيفِيَّة، أيْ يُتَوَقَّفُ بها عند حدودِ ما أنْزَلَ اللهُ تعالى على نبيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأمَّا الأصلُ في غير العبادات الإباحةِ وعدمِ المنع، حتى يأتيَ الدّليلُ المانع. إخوةَ الإسلام: بقي أن تَعْلمُوا أن الَّذين يحتفلون بهذه الأمورِ البدعية هم ثلاثةُ أصناف: أما الصنفُ الأول: فهُم جَهَلَةٌ مُقَلِّدون، ولسانُ حالهِم يقول: رأينا الناسَ يفعلون هذا ففعلناه، رأيناهم يحتفلونَ فاحتفلنا، وكفى بهذا ضلالاً مبيناً، وقد قال الله فيهم وفي أمثالهم: إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُقْتَدُونَ. وأما الصنفُ الثاني: فهم الذين يريدون إشباع حاجاتهم مِن وراء هذه الاحتفالات؛ بالأكل والشرب واللهو واللعب والاجتماع الباطل. وأما الصنفُ الثالث: فهم دُعاةُ سوءٍ وضلالٍ مُغْرِضُون، يريدون الدَّسَّ على الإسلام، وصرفِ الناسِ عنِ السنن، وإشغالِهِم بالبدع والخرافات. ومِن شُبُهاتِ هؤلاء؛ أنَّ هذه الاحتفالات بدعةٌ حسنة، وذلك قولٌ باطل، لأنَّ كلَّ بدعةٍ ضلالة، ومِن أين لهم من كتاب الله وسُنةِ رسوله أن في الإسلام بدعةٌ حسنة ؟ فحُبُّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إنما هو باتباع شَرعه، ولُزُوم سنته، لا بالاحتفالات البِدْعية المنكَرة، التي ما أنزل اللهُ بها من سلطان، وقد قال الله تعالى على لسانِ نبيه : قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. فاتقوا الله عباد الله، وتمسكوا بسنة نبيكم ، وحافظوا على عقيدتكم، وابتعدوا عن البدع والمنكرات. هذا ؛ وصلُّوا وسلموا رحمكم الله على خير البرية ، وأزكى البشرية محمد بن عبد الله ، فقد أمركم الله بذلك في قوله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا . اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وجودك وكرمك يا أرحم الراحمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين. اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا. اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين. اللهم أصلح أحوال المسلمين، وارزقنا السير على سنة سيد المرسلين، وجنبنا المعاصي والبدع في الدين يا رب العالمين. اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين المؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميعٌ قريبٌ مجيبُ الدعوات. اللهم احقِن دماء المسلمين في كل مكان، اللهم نفِّس كربَهم، وفرِّج همَّهم، يا ذا الجلال والإكرام. اللهم انصر إخواننا المجاهدين في سبيلك في فلسطين وسوريا وفي كل مكان، اللهم انصرهم يا قويُّ يا عزيز. اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغنيُّ ونحن الفُقراء، أنزِل علينا الغيثَ ولا تجعلنا من القانِطين، اللهم أنزِل علينا الغيثَ ولا تجعلنا من القانِطين، اللهم أنزِل علينا الغيثَ ولا تجعلنا من القانِطين. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ . عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ .
| |
|